الثلاثاء، 9 فبراير 2016

الثورة التونسية الحقيقية بدأت يوم 23 مارس 2011

الثورة التونسية الحقيقية بدأت يوم 23 مارس 2011

منجي الخضراوي

ظلّت الدولة في تونس بعد الرابع عشر من جانفي 2011 ، تشتغل بالمنظومة القانوني للنظام السابق، رغم اسقاط السلطة اسقاطا ثوريا، وقد فوّضت المنظومة القانونية القديمة التابعة للنظام القديم لرئيس الجمهورية المؤقت في ظلّ المسار الثوري من خلال 
القــانــون عدد 5 لسنة 2011 المؤرخ في 9 فيفري 2011 يتعلق بالتفويض إلى رئيس الجمهورية المؤقت في اتخاذ مراسيم طبقا للفصل 28 من الدستور، أي دستور 1959.
وأسند لرئيس الجمهورية المؤقت سلطة التشريع باصدار مراسيم حصريا في مجالات العفو العام وحقوق الانسان والحريات الأساسية والنظام الانتخابي والصحافة وتنظيم الأحزاب السياسية ومكافحة الارهاب ومنع غسل الأموال والتنمية الاقتصادية والمالية والجباية والنهوض الاجتماعي والملكية والتربية والثقافة ومجابهة الكوارث والأخطار الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتعهدات المالية للدولة، و المعاهدات الدولية التجارية والجبائية والاقتصادية والاستثمارية و المعاهدات الدولية المتعلقة بالعمل وبالمجال الاجتماعي، المعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. 
وقد أصدر المجلس الدستوري رأيه عدد 2 – 2011  بخصوص مشروع قانون يتعلق بالتفويض إلى رئيس الجمهورية المؤقت في اتخاذ مراسيم طبقا للفصل 28 من الدستور، اذ اعتبر أنّ القانون «ولئن اتسم مناط مجالات التفويض الممنوح بالتنوع والاتساع فإنه لا شئ في الدستور يحول دون ذلك طالما أنه تم تعيين الغرض بوجه كاف كما يقتضي ذلك الفصل 28 من الدستور، خاصة بالنظر إلى متطلبات المرحلة الانتقالية الراهنة،
وحيث يسوغ لرئيس الجمهورية المؤقت بالنظر لما تقدم وبالاستناد إلى قانون التفويض المزمع اتخاذه، أن يتخذ مراسيم في المجالات المعينة وللمدة المذكورة، طالما يتم ذلك في كنف احترام الدستور،
 وحيث يتبين تبعا لكل ما تقدم أن مشروع القانون المعروض لا يتعارض مع الدستور وهو ملائم له،»
وصدرت على أساس الفصل 28 من الدستور 13 مرسوما، 
لقد انحصرت عملية التشريع الجديدة في اطار السياق الثوري بين  9 فيفري 2011 تاريخ اصدار القانون المتعلّق  بإعطاء تفويض التشريع لرئيس الجمهورية المؤقت و 23 مارس 2011 تاريخ صدور المرسوم عدد 14 لسنة 2011 الذي جاء لإعطاء تصوّر جديد لتنظيم السلطة العمومية مؤقّتا و تعليق العمل بدستور 1959 و وحلّ مجلسي النواب والمستشارين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الدستوري وتمّ رسميا ولأوّل مرّة القول بأمّ « الوضع الحالي للدولة، بعد الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية في 14 جانفي 2011 كما أقر ذلك المجلس الدستوري في إعلانه الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية المؤرخ في 15 جانفي 2011، لم يعد يسمح بالسير العادي للسلط العمومية، كما صار من المتعذر التطبيق الكامل لأحكام الدستور،» مثلما ورد في ديباجة المرسوم.
ومنذ تاريخ 23 مارس 2011، تمّ تعليق العمل بدستور 1959، وتمّ الغاء السلطة التشريعية للنظام القديم، فسقطت منذ تلك اللحظة الشرعية القانونية وبدأ التشريع القانوني على أساس الشرعية الثورية في ظلّ عدم وجود مرجع قانوني أعلى وبذلك فانّ المراسيم الصادرة من تاريخ 23 مارس 2011 الى 17 نوفمبر 2011 تاريخ صدور المرسوم عدد 121 لسنة 2011 مؤرخ في 17 نوفمبر 2011 يتعلــق بالمؤسسات العمومية للعمل الثقافي، لا يمكن الطعن فيها على أساس عدم احترامها لمقتضيات الفصل 28 من الدستور الذي يفترض المصادقة للتفعيل وعلى أساس القانون عدد 5 لسنة 2011 المؤرّخ في 9 فيفري 2011 والمتعلق بالتفويض الى رئيس الجمهورية المؤقت في اتخاذ مراسيم طبقا للفصل 28 من دستور 1959، في الفقرة الثانية التي جاء فيها « تتم المصادقة على المراسيم التي يتم اتخاذها تطبيقا لأحكام الفصل الأول من هذا القانون طبقا للفصل 28 من الدستور.»
اذن الغاء المحكمة الادارية للمرسوم عدد 13 المتعلّق بالمصادرة، في طريقه باعتبار عدم احترامه للفصل 28 من الدستور القديم، في حين لا يمكن الطعن في المرسومين عدد 115 و 116 المؤرخان في 2 نوفمبر 2011، لاستنادهما للشرعية الثورية، وبالتالي فانّ رفض بعض القضاة العمل بمقتضيات المرسوم عدد 115 خاصة في مادة اثارة الدعوى، ليس في طريقه لأنّ التراتبية القانونية سقطت بعد المرسوم عدد 14.
ولا تستقيم المصادقة هنا على اساس الفصل 28 من الدستور وعلى اساس القانون عدد 5، وذلك لتعليق العمل بالدستور منذ المرسوم عدد 14 الذي اقرّ تنظيما سياسيا وقانونيا جديدا.
اذن يمكننا أن نعتبر انّ الثورة انطلقت فعليا يوم 23 مارس 2011.


ملحق
////////////////////////////////////////////////////
مرسوم عدد 14 لسنة 2011 مؤرخ في 23 مارس 2011 يتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية
إن رئيس الجمهورية المؤقت،
باقتراح من الوزير الأول،
حيث أن الشعب التونسي هو صاحب السيادة يمارسها عن طريق ممثليه المنتخبين انتخابا مباشرا، حرا ونزيها،
وحيث عبر الشعب أثناء ثورة 14 جانفي 2011 عن إرادة ممارسة سيادته كاملة في إطار دستور جديد،
وحيث أن الوضع الحالي للدولة، بعد الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية في 14 جانفي 2011 كما أقر ذلك المجلس الدستوري في إعلانه الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية المؤرخ في 15 جانفي 2011، لم يعد يسمح بالسير العادي للسلط العمومية، كما صار من المتعذر التطبيق الكامل لأحكام الدستور،
وحيث أن رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال الوطن وسلامة ترابه ولاحترام القانون وتنفيذ المعاهدات، وهو يسهر على السير العادي للسلط العمومية ويضمن استمرار الدولة،
وبعد مداولة مجلس الوزراء،
يصدر المرسوم الآتي نصه
الفصل الأول – إلى حين مباشرة مجلس وطني تأسيسي منتخب انتخابا عاما، حرا، مباشرا وسريا حسب مقتضيات نظام انتخابي يصدر للغرض مهامه، يتم تنظيم السلط العمومية بالجمهورية التونسية تنظيما مؤقتا وفقا لأحكام هذا المرسوم.
الباب الأول – أحكــام عامة
الفصل 2 – تحل بمقتضى هذا المرسوم المجالس الآتية:
مجلس النواب،
مجلس المستشارين،
المجلس الاقتصادي والاجتماعي،
المجلس الدستوري
يتولى الكتاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية لهذه المجالس تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين وضع المؤسسات التي ستعوضها بمقتضى الدستور الجديد
الفصل 3 – تمارس المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات صلاحياتهما طبقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل والمتعلقة بضبط تنظيمهما وتحديد مشمولات أنظارهما والإجراءات المتبعة لديهما
الباب الثاني – السلطة التشريعية
الفصل 4 – يتم إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في صيغة مراسيم يختمها رئيس الجمهورية المؤقت، بعد مداولتها في مجلس الوزراء ويسهر على نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية
الفصل 5 – تتخذ شكل مراسيم النصوص المتعلقة بــ:
الترخيص في المصادقة على المعاهدات،
العفو التشريعي وحقوق الإنسان والحريات الأساسية،
النظام الانتخابي والصحافة والإعلام والاتصال والنشر،
تنظيم الأحزاب السياسية وتمويلها والجمعيات والمنظمات غير الحكومية والمهن،
مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال،
تنمية الاقتصاد،
قانون الشغل والضمان الاجتماعي والصحة،
المالية والجباية،
نظام الملكية والحقوق العينية،
التربية والتعليم والثقافة،
مجابهة الكوارث والأخطار الداهمة واتخاذ التدابير الاستثنائية،
الإجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم وضبط الجنايات والجنح والعقوبات المنطبقة عليها وكذلك المخالفات الجزائية إذا كانت مستوجبة لعقوبة سالبة للحرية،
الضمانات الأساسية للموظفين والأعوان المدنيين والعسكريين،
الجنسية والحالة الشخصية والالتزامات،
الأساليب العامة لتطبيق هذا المرسوم
وبصفة عامة كل المواد التي تدخل بطبيعتها في مجال القانون
الباب الثالث – السلطة التنفيذية
الفصل 6 – يمارس رئيس الجمهورية المؤقت السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة مؤقتة يترأسها وزير أول
القسم الأول – رئيـــس الجمهورية المؤقت
الفصل 7 – يسهر رئيس الجمهورية المؤقت على تنفيذ المراسيم ويمارس السلطة الترتيبية العامة وله أن يفوض كلا أو جزءا من هذه السلطة إلى الوزير الأول.
ويقع تأشير الأوامر ذات الصبغة الترتيبية من قبل الوزير الأول وعضو الحكومة المعني
الفصل 8 – يواصل رئيس الجمهورية المؤقت رئاسة الدولة حتى تاريخ مباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه.
الفصل 9 – يمارس رئيس الجمهورية المؤقت الوظائف التالية:
القيادة العليا للقوات المسلحة،
المصادقة على المعاهدات،
العفو الخاص،
إشهار الحرب وإبرام السلم بعد مداولة مجلس الوزراء،
تعيين الوزير الأول وتعيين بقية أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول،
رئاسة مجلس الوزراء،
إنهاء مهام الحكومة أو عضو منها باقتراح من الوزير الأول،
اعتماد الدبلوماسيين للدولة في الخارج وقبول اعتماد ممثلي الدول الأجنبية لديه،
إسناد الوظائف العليا المدنية والعسكرية باقتراح من الحكومة. ولرئيس الجمهورية أن يفوّض إسناد بعض تلك الوظائف إلى الوزير الأول.
الفصل 10 – لرئيس الجمهورية المؤقت إذا تعذر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوّض بأمر سلطاته إلى الوزير الأول.
وعند شغور منصب رئيس الجمهورية المؤقت لوفاة أو استقالة أو عجز تام، يتولى الوزير الأول فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة. وإذا تزامن شغور منصب رئيس الجمهورية المؤقت مع شغور منصب الوزير الأول تنتخب الحكومة المؤقتة أحد أعضائها الذي يتولى فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة.
الفصل 11 – لا يجوز لرئيس الجمهورية المؤقت الترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي، كما لا يجوز له الترشح لأي انتخابات أخرى بعد وضع الدستور الجديد.
الفصل 12 – المقر الرسمي لرئاسة الجمهورية تونس العاصمة وضواحيها إلا أنه يمكن في ظروف استثنائية أن يحوّل مؤقتا إلى أي مكان آخر من تراب الجمهورية.
القسم الثاني – الحكــومة المؤقتة
الفصل 13 – تسهر الحكومة المؤقتة على تصريف أعمال الدولة وعلى السير العادي للمرافق العمومية ويسيرها الوزير الأول وينسق أعمالها ويتصرف في دواليب الإدارة وفي القوة العامة وينوب عند الاقتضاء رئيس الجمهورية المؤقت في رئاسة مجلس الوزراء أو أي مجلس آخر.
الفصل 14 – يسهر الوزراء كل حسب القطاع الراجع إليه بالنظر على تسيير الإدارة المركزية والإشراف على المؤسسات والمنشآت العمومية طبقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل.
كما تشمل الإدارة مصالح جهوية ومحلية في إطار اللامحورية أو اللامركزية يقع تنظيمها وتسييرها أو الإشراف عليها طبقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل.
الفصل 15 – لا يجوز للوزير الأول وبقية أعضاء الحكومة المؤقتة الترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي
القسم الثالث – الجمــاعــات المحلية
الفصل 16 – تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية، المصالح المحلية حسبما يضبطه القانون
الباب الرابع – السلطـــة القضائية
الفصل 17 – تنظم السلطة القضائية بمختلف أصنافها وتسير وتمارس صلاحياتها وفقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل
الباب الخامس – أحكـــام ختامية
الفصل 18 – ينتهي العمل بأحكام هذا المرسوم عند مباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه وضبطه تنظيما آخر للسلط العمومية
الفصل 19 – ينشر هذا المرسوم بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ويدخل حيز التنفيذ بداية من 15 مارس 2011
تونس في 23 مارس 2011.

ليست هناك تعليقات: